™ĚЪn.Ńạŝ عضو ذهبي
عمري : 34 مساهماتي : 243 تاريخ التسجيل : 03/03/2011
| موضوع: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ} الجمعة مارس 04, 2011 4:23 am | |
|
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
{فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ}
قَوْلُهُ تَعَالَى : {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ} . سورة محمد / الآية 19
قَوْلُهُ تَعَالَى : فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ : وَفِيهِ - وَإِنْ كَانَ الرَّسُولُ عَالِمًا بِاللَّهِ - ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ : الْأَوَلُ : يَعْنِي اعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ أَعْلَمَكَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ . الثَّانِي : مَا عَلِمْتَهُ اسْتِدْلَالًا فَاعْلَمْهُ خَبَرًا يَقِينًا . الثَّالِثُ : يَعْنِي فَاذْكُرْ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ؛ فَعَبَّرَ عَنِ الذِّكْرِ بِالْعِلْمِ لِحُدُوثِهِ عَنْهُ . وَعَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ فَضْلِ الْعِلْمِ فَقَالَ : أَلَمْ تَسْمَعْ قَوْلَهُ حِينَ بَدَأَ بِهِ {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ} فَأُمِرَ بِالْعَمَلِ بَعْدَ الْعِلْمِ ، وَقَالَ : {اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ} ، إِلَى قَوْلِهِ {سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ} ، وَقَالَ : {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ} ، ثُمَّ قَالَ بَعْدُ : فَاحْذَرُوهُمْ ، وَقَالَ تَعَالَى : {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} ثُمَّ أَمَرَ بِالْعَمَلِ بَعْدُ .
قَوْلُهُ تَعَالَى : وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ : أَحَدُهُمَا : يَعْنِي اسْتَغْفِرِ اللَّهَ أَنْ يَقَعَ مِنْكَ ذَنْبٌ . الثَّانِي : اسْتَغْفِرِ اللَّهَ لِيَعْصِمَكَ مِنَ الذُّنُوبِ . وَقِيلَ : لَمَّا ذَكَرَ لَهُ حَالَ الْكَافِرِينَ وَالْمُؤْمِنِينَ أَمَرَهُ بِالثَّبَاتِ عَلَى الْإِيمَانِ ، أَيِ : اثْبُتْ عَلَى مَا أَنْتَ عَلَيْهِ مِنَ التَّوْحِيدِ وَالْإِخْلَاصِ وَالْحَذَرِ عَمَّا تَحْتَاجُ مَعَهُ إِلَى اسْتِغْفَارٍ . وَقِيلَ : الْخِطَابُ لَهُ وَالْمُرَادُ بِهِ الْأُمَّةُ ، وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ تُوجِبُ الْآيَةُ اسْتِغْفَارَ الْإِنْسَانِ لِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ . وَقِيلَ : كَانَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - يَضِيقُ صَدْرُهُ مِنْ كُفْرِ الْكُفَّارِ وَالْمُنَافِقِينَ ، فَنَزَلَتِ الْآيَةُ ، أَيْ : فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا كَاشِفَ يَكْشِفُ مَا بِكَ إِلَّا اللَّهُ ، فَلَا تُعَلِّقْ قَلْبَكَ بِأَحَدٍ سِوَاهُ . وَقِيلَ : أُمِرَ بِالِاسْتِغْفَارِ لِتَقْتَدِيَ بِهِ الْأُمَّةُ . وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ أَيْ وَلِذُنُوبِهِمْ . وَهَذَا أَمْرٌ بِالشَّفَاعَةِ . وَرَوَى مُسْلِمٌ عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَرْجِسٍ الْمَخْزُومِيِّ قَالَ : أَتَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَكَلْتُ مِنْ طَعَامِهِ فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، غَفَرَ اللَّهُ لَكَ ، فَقَالَ لَهُ صَاحِبِي : هَلِ اسْتَغْفَرَ لَكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، وَلَكَ . ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ : {وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} ، ثُمَّ تَحَوَّلْتُ فَنَظَرْتُ إِلَى خَاتَمِ النُّبُوَّةِ بَيْنَ كَتِفَيْهِ ، جُمْعًا عَلَيْهِ خِيلَانٌ كَأَنَّهُ الثَّآلِيلُ .
{وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ} فِيهِ خَمْسَةُ أَقْوَالٍ : أَحَدُهَا : يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ فِي تَصَرُّفِكُمْ وَإِقَامَتِكُمْ . الثَّانِي : مُتَقَلَّبَكُمْ فِي أَعْمَالِكُمْ نَهَارًا وَمَثْوَاكُمْ فِي لَيْلِكُمْ نِيَامًا . وَقِيلَ : مُتَقَلَّبَكُمْ فِي الدُّنْيَا . وَمَثْوَاكُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ، قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَالضَّحَّاكُ . وَقَالَ عِكْرِمَةُ : مُتَقَلَّبَكُمْ فِي أَصْلَابِ الْآبَاءِ إِلَى أَرْحَامِ الْأُمَّهَاتِ . وَمَثْوَاكُمْ مَقَامُكُمْ فِي الْأَرْضِ . وَقَالَ ابْنُ كَيْسَانَ : مُتَقَلَّبَكُمْ مِنْ ظَهْرٍ إِلَى بَطْنِ الدُّنْيَا . وَمَثْوَاكُمْ فِي الْقُبُورِ .
قُلْتُ : وَالْعُمُومُ يَأْتِي عَلَى هَذَا كُلِّهِ ، فَلَا يَخْفَى عَلَيْهِ سُبْحَانَهُ شَيْءٌ مِنْ حَرَكَاتِ بَنِي آدَمَ وَسَكَنَاتِهِمْ ، وَكَذَا جَمِيعُ خَلْقِهِ . فَهُوَ عَالِمٌ بِجَمِيعِ ذَلِكَ قَبْلَ كَوْنِهِ جُمْلَةً وَتَفْصِيلًا أُولَى وَأُخْرَى . سُبْحَانَهُ! لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ .
(تفسير القرطبي)
| |
|