أنت متميزة
ملكة
واثق الخطوة يمشي ملكاً ،
فهو رابط الجأش قوي الشكيمة فكوني صاحبة ثقة في نفسك تكوني ملكة مطاعة ،
وسر في دولة التميز تكلؤك عين الله { فإنك بأعيننا} الطور: 48 .
نعم واثق الخطوة يمشي ملكاً … في دولة التميز … فاماذا مشية الحمامة..
إن الواثقة في نفسها تكون قادرة على الإبداع واللموع .
المتميزة في قدراتها ،
ومواهبها التي وهبها الله إياها وتضعها في موضعها الصحيح ،
وهذه هي الناجحة المتميزة ، فكلما نجحت وتقدمت ازدادت ثقة في نفسها .د
لكن إياك ثم إياك من الثقة الزائدة فإنها قاصمة الظهور.
تستغني صاحبتها بنفسها عن الله جل وعز ،
ومن فعلت هذا أذلها الله في الدارين ،
وتشمخ بها صاحبتها كبرياء وعتواً وغروراً على الناس فتعيش طاووساً بين الخلائق،
وحق على الله ما ارتفع شيء إلا وضعه ،
ولهذا عاقب الله قارون حين طغا وقال: { إنما أوتيته على علم عندي} القصص:78.
فخسف الله به وبداره الأرض …آية للمتوسمين وعقاباً للمتكبرين ، وسنة ماضية على المغرورين المتجبرين.
ولك في حال ابن الزيات عبرة ،
إذ كان وزيراً للمعتصم والواثق ،
وقد صال وجال وبلغ به الحال إلى أن وشى بالمتوكل " خليفة العد " إلى أخيه الواثق فعاقبه وعنفه وطاوع قول ابن الزيات في أخيه ، فزاده ذلك كبراً وغروراً ، فلما مات الواثق ، وتولى المتوكل ، كان من أوائل المراسيم والأوامر حبس ابن الزيات في تنوره الذي كان يعذب ضحاياه فيه حتى الموت ،
فسبحان من أذل الطغاة وأهل التكبر والتجبر… ،ولنا في قصة فرعون عبرة ، إذ قال:{ ما علمت لكم من إلــه غيري} القصص:38 . فأهانه الله وأماته في الطين وهو مهين ، فكان من الخاسرين{ ويوم تقوم الساعة أدخلوا ءال فرعون أشد العقاب} غافر:46. فهل تفطنت للمعنى الصحيح للثقة بالنفس فكوني على بينة.
الأسفنجة
لا تكوني كالأسفنجة تمتص كل شيء ، فإن الأسفنجة تجمع دنيء الماء والوحل .
وإن رضى الناس غاية لا تدرك ، فخليهم وأرضي خالقهم جل وعز.
وإن الثقة بكل أحد حاملة للنفس على السذاجة والاغترار بكل أحد ، وبكل قول، وهذا فيه ما فيه من الإثم والبطالة والضياع ، وبالمقابل فلا تكوني أيضاً كما قال الأول:
لا يكن ظنك إلا سيئاً
إن سوء الظن من إحدى الفطن
ولكن { أمة وسطاً } البقرة : 143 ، فتأخذي الخيار من الأمرين ، ولا غلو ولا جفاء ، ولكن الوسطية ... فهي منهج ..
بها تصفو الحياة ، وتزكو الأفعال ، وتحلو الأقوال ، وتطيب النفوس ،وتصفى السرائر ، وتهدأ الخواطر ، والله يقول : { فتبينوا } النساء:94 أي : تثبتوا ، ولا يتجرينكم هذا فتقولوا كما قال الناس بلا تثبت ، ولا بحث عن مصادر الأخبار حتى تعود الواحدة كالمجنونة ، تحدِّث بكل ما يمر عليها ، وفي هذا ما فيه..
وأهل التميز هم أهل للتثبت والتبين ، حتى لا تصدر أقوالهم وآرائهم إلا وقد تبينوا وتثبتوا.
فمهما كانت النتائج فهم أهل طمأنينة وراحة بال ورضى وتسليم ، لأنهم أهل للتبين والتثبت.
فدراساتهم ومواقفهم مبنية على التثبت والتبين ، وأحكامهم كذلك .
فهل بعد هذا التميز من تميّز ..؟؟!!!
تنبهي أيتها المتميزة ..:
ليسوا من المريخ
هذا معاذ رضي الله عنه : يسبح في اليوم عشرة آلاف تسبيحة ، كما ذكر ذلك ابن رجب .
وهذا أبو هريرة رضي الله عنه يسبح في اليوم اثنتي عشر ألفاً لله رب العالمين .
وهذا ابن عقيل رحمه الله : يأكل الكعك ، ولا يأكل الخبز ، لآن بين أكلها قدر خمسين آية ..؟
وهذا مسروق بن الأجدع : حج فنام ساجداً .
وهذا عروة بن الزبير رضي الله عنه : كان يختم القرآن كل أربعة أيام .
وهذا ابن المبارك رحمه الله : يؤلف كتاباً في الزهد ثم يقرأه فيغلبه البكاء.
فقولي لي بربك بعد هذا .. أي ذكر لله جل وعز ذكرناه به سبحانه ..؟
وأي عمر حفظناه في طاعته ..؟؟
وأي عمل قدمناه بين يديه ليرضى جل وعز ..؟
وأي بذل بذلناه ، في ميادين الطاعات والقربات ..؟
إننا حين نرى هؤلاء الجبال الرواسي في الصالحات ، لنشعر بالضياع ، غير أن أملنا في الله جل وعز وحسن ظننا به سبحانه يجعلنا من أهل التفاؤل ، ثم إن العمل الصالح ليورث القلوب الطمأنينة .
شيء آخر
أنت صاحبة مبدأ ، وصاحبة منهج ، أنت طعم آخر للحياة .. أنت متميزة.
أنت مسلمة .. ومفتاح سعادتك إسلامك ، وهو استسلامك لله بالطاعة وانقيادك لأمره والخلوص من الشرك.
هذا مبدؤك ، وهذه ميزتك عن غيرك ، فأنت ثابتة في الأزمات ، مخلقة لله في الطاعات ، حريصة على بذل الجهد في التقرب لربك بالقربات..
أنت مسلمة .. يا شمس السلام ، أنت يا مؤمنة أمن البلد..
أنت يا مسلمة يا من شأنك السلامة والإسلام ، والأمن والإيمان ..، والهداية والبعد عن الغواية .. أنت متميزة ..
نعم ...
غيرك له مبادئ هدامة ، وأهداف براقة ، ومطالب ومقاصد ومآرب..
وأما أنت .. فقلبك مخموم .. ومبدؤك معلوم .. ومنهجك حنيفاً مسلماً وما أنا من المشركين..
إذن فأنت صاحبة تميز فلا تنسي وتذكري دائماً.. أن الأمة بحاجة لتميزك ، ولطموحك ، وللموعك في ذاتك وفي تربيتك لأجيال التميز ...، وإن التميز في حياتك ليس حديث عهد ، وإنما هو وليد قرون وقرون وليس مكانك في طوابير الخبازين ، أو النجارين .. أو الزحام بين الناس ، أو عند إشارات المرور ، ولكن خلف ميادين التربية والتنشئة والطموح ، فأنت مدرسة .. يقول أبو الوفاء بن عقيل رحمه الله : " إذا أردت أن تعلم محل الإسلام من أهل الزمان فلا تنظر إلى زحامهم في أبواب الجوامع ، ولا ضجيجهم في الموقف بـ"لبيك" ، وإنما انظر إلى مواطأتهم أعداء الشريعة ، عاش ابن الراوندي والمعري – عليهما لعائن الله – ينظمون وينثرون كفراً ، وعاشوا سنين ، وعظمت قبورهم وأشتريت تصنيفاتهم ، وهذا يدل على برودة القلب " أ. هــ.
فهلاّ حفظنا تميزنا بالتوحيد ، وعملنا به ، وعلمناه ، ودعونا له ،
وصبرنا على ذلك لنصنع التميز في حياتنا .. ، ولننتج للأمة جيلاً يحمل هذا التميز من بعدنا .
رمز التميز
وإياك وظهر الحرباء ، فإن لها كل يوم لوناً ، بل كل حين وأوان .
فصاحبة الهوية لها كيانها ومبدأها الذي تريق دمها من أجله ، وتقرب روحها فداء لمبدئها وهي سعيدة ، وخذي على سبيل المثال تلك الصحابية الجليلة التي طعنت من قبلها فخرج الرمح من قفاها وخرت صريعة ليحيا مبدئها ، ويبقى دينها وتفوز بالثبات..
سبحان الله ! أبا الموت تفوز ، ولكنها المبادئ والقيم السامية لا تكون إلا على جسر من التعب .
وهذا الآخر يقول : اللهم خذ من دمي هذا اليوم حتى ترضى .
وهذا يقول : إني لأجد ريح الجنة من دون أحد..
وهذا يقول : بخ ...بخ إن أنا بقيت حتى آكل هذه التمرات إنها لحياة طويلة.
وهذه تقول لأبنائها وقد جهزتهم للجهاد : لمثل هذا اليوم أعددتكم وتضمهم وتشمهم وتقول الموعد الجنة إن شاء الله.
فهل بعد هذا الصبر والثبات على المبادئ والقيم من صبر وثبات ؟
إنها والله الجنة سلعة الله جعلتهم يسترخصون الحياة في سبيل رضى الله والجنة.
أيتها الطالبة للتميز..
دونك ... هويتك الإسلامية السنية السلفية ، تمسكي بها وعضي عليها ... فهي زارعة لثقتك في طريقك ، مثمرة رضى وراحة بالك ، وسلامة صدرك فهويتنا أو الهاوية..
هويتنا رمز تميزنا ، أنقشيها على لوح القلب والمكتب.
كتبه :
محمد بن سرّار اليامي