عمري : 33 مساهماتي : 43 تاريخ التسجيل : 03/03/2011
موضوع: ولـــمــــا رأيـــــت الجـــــهـــــل الجمعة مارس 04, 2011 8:00 pm
ولـــمــــا رأيـــــت الجـــــهـــــل
يُذكَر أن مريضاً نفسياً كان يتوهم أنه حَبَّةٌ؛ فإذا مرَّ به دجاجٌ فَرَّ منها؛ خشية أن تعدو عليه وتأكله .
فلما رأى حالَه بعضُ محبيه ذهب به إلى طبيب نفسي؛ فشرح هذا المريض للطبيب مشكلته، وبعد جُهْدٍ ولأْيٍ ، أقنعه الطبيب بأنه إنسان سوي . ولما هم المريضُ بالانصراف قال: أنا_أيها الطبيب_ اقتنعتُ بأنني إنسانٌ لا حَبَّةٌ, ولكن من يقنع الدجاج بذلك؟[/size] هذه الحكاية تذكرك بأناس عقلاء أسوياء ذوي أخلاق كريمة، ونفوس مطمئنة . ولكنهم يبتلون بأناس شرسين سيِّئي الظن؛ فإذا عاملهم العاقل السوي، المهذب الراقي بما تقتضيه طبيعته ظنوا ذلك منه سذاجة أو بلاهة، وربما ظنوه تملقاً ومكراً، ومكايدة؛ فلهذا تراه يحار، ويقول: إنني على خطأ، وإن القوم ربما استضعفوني؛ فلا أريد أن يَشْمَتَ بي الأعداء، ويجعلوني سُبَّةً؛ فتقول له: أنت اليد العليا، وأنت المحسن، وأنت الكريم. فيقول لك: إذاً فمن يقنع هؤلاء بسلامة مقصدي، وطهارة سريرتي؛ فَدْعَنِي وشأني؛ فَسأُغَيِّرُ طباعي، وألبس لهم لَبُوسَهم متمثلاً بقول أبي العلاء :
ولما رأيت الجهل في الناس فاشياً *** تجاهلت حتى ظُنَّ أني جاهل وبَعْدُ فهذه الحالة تعتري كثيراً من النفوس؛ فتهبط بها عن عليائها، ويصبح الناس قطعاناً من الذئاب الضارية ، فلا مروءة، ولا تذمم، ولا رعاية، ولا تكرم . فحق على الكريم العاقل أن يعتصم بالفضيلة، ولا يثنيه عنها جهل جاهل، أو تنكر حاسد . وإذا اعترضتك مثل هذه الأحوال فاحتفظ بألمعيتك، وطهارة قلبك ومنطقك. وإذا لم يُعْرَفْ قدُرك فيكفيك عِلْمَ الله بك، ولن تعدم مَنْ يقدرون المكارم قدرها؛ فـ ]خُذْ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنْ الْجَاهِلِينَ] واستحضر أنك بإِحسانك إلى الناس، وإساءتهم إليك - أنك كمن يُسِفُّهم الملَّ، ولا يزال معك من الله ظهير .
منقـــــــــــــــــــول من كتاب ( خـــــــواطــــر) للشيخ / محمد بن إبراهيم الحمد .